تعتبر مدينة البهاليل، الواقعة في إقليم صفرو بالمغرب قلعة تراثية رمانية بامتياز، كونها تتميز بتاريخ عريق يمتد إلى العهود القديمة قدم التاريخ، حيث تشتهر بكهوفها المنحوتة في الصخور والتي تعتبر تراثًا فريدًا يعود إلى ما قبل الإجتياح الروماني للمغرب العربي، وكانت هذه الكهوف مأوى للإنسان القديم عبر العصور والأزمنة، وشهدت أحداثًا تاريخية هامة، بما في ذلك مقاومة الاستعمار الفرنسي ومواجهته ببسالة واستشهاد. 

وتشعع هذه الكهوف الأثرية في البهاليل بأبرز معالمها، حيث يعود تاريخها إلى فترات قديمة، وربما إلى حقبة العصور الرومانية العريقة. 
ولا يزال يعيش بعض سكان البهاليل في هذه الكهوف حتى اليوم، مما يمثل استمرارية تشبتهم بتراثهم وتاريخهم العريق المبني على الحفاظ على الاصالة والقيم والمبادئ والأخلاق. 
ولقد تحولت الآن بعض الكهوف إلى مواقع جذب سياحي مليئة بالاواني التقليدية والزخرفة اليدوية المحلية كالازرار الحريرية( لعقد) وغيرها من لوحات اناشد الزواج للعريس والعروس، حيث يقصدها الزوار من جميع بقع العالم للاستمتاع بجمالها الطبيعي وليلها البالغ البهاء والجمال والتعرف على تاريخها الأزلي الحريص للحفاظ على اللوحات الفنية والحرفية التقليدية الضاربة في عمق التقاليد والتاريخ. 

وللتذكير فإن مدينة البهاليل كانت مأهولة بالقبائل العربية والأمازيغية التي حفرت الكهوف واستوطنتها منذ العصور الغابرة، واشتهرت هذه القبائل بمقاومتها للاستعمار، وخاض أهلها معارك شرسة ضد المستعمر، مما يبرز دورهم البطولي في تاريخ المنطقة واحتفاظهم بصفة المقاوم الشرس رجالا ونساء اعطوا دروس الشجاعة والمقدام لم ينساه ابدا المستعمر العاشم الذي حضى منهم بمقاومة غيرت مجرى هدفهم الإستعماري بعد ان تكبدوا خسائر فادحة في العتاد والأرواح لا تعد ولا تحصى.
 
وبعد الاستقلال، شهدت البهاليل تحولات اجتماعية واقتصادية هامة، مع التركيز على التعليم وتنمية الأراضي الزراعية والصناعة اليدوية (لعقد) التي تعتبر مصدر رزقهم الأولي يعتمدون عليها بنسبة 80\100.
ويواجه الآن بعض سكان البهاليل ظروفًا معيشية صعبة في الكهوف، مما يستدعي توفير الدعم الاجتماعي والاقتصادي لهم بعد ان خيم الجفاف على محيطهم الزراعي ولم يعد يتوفرون على اكتفائهم الذاتي سوى المساعدة المادية التي يتلقونها  من أبنائهم الموظفين او العاملين داخل الوطن أو خارجه.

وفي إطار تنمية المجال يمكن القول الآن أن التغلب على هذه الآفة الطبيعية يتطلب السعي الى حسن استغلال التراث الروماني والكهوف لتطوير السياحة وتنميتها تجاريا وصناعيا، مما سيساهم لا محال في تحسين الظروف المعيشية وخلق فرص للشغل موسمية ومستقرة للسكان.

أكتب تعليق

أحدث أقدم